كتاب: فوائد المشاهد
المؤلف: الشيخ جعفر التستري
عدد الصفحات: 593
يمكن القول : بأنه في العبادات الالهية، والطاعات السبحانية له عزت نعمائه . وجلت آلاته ، لا ترقى أي عبادة أو طاعة لدرجة أعلى من الموعظة ، وبرهان هذا البيان ، هو العقل والكتاب العزيز لحضرة العزيز المنان، لأن أغلب ماجاء فيه هو عين الموعظة ، ناهيك عما جاء من تلك الأوامر لأهل التكليف الكاملين على فعل ذلك الأمر المبارك المستطاب ، بل ان الله العلي الأعلى وفي كثير من الآيات مثل قوله تعالى: ﴿وَيَعِظُكُم الله) (۱) ونحوها ، يعد الموعظة من فعله الشريف ، وهو المعهود عن أحوال السادة من اهل العصمة ( ) ، كما أن رب العزة والعظمة يمتاز بالوضوح الكافي في هذا المطلب العظيم، والمقصد الجسيم ، بحيث لا يخفى عن أحد سواء من الموافق أو المفارق ، أو ما وقع من أولئك العظام حالاً ومقالاً . هو عين الموعظة . ويستفاد من كلام أمير المؤمنين وأستاذ الواعظين عليه السلام الملك الأمين . في نهج البلاغة ، على أن الوعظ أفضل من جميع الاعمال حيث قال ( ) : وما أعمال البر كلها ، والجهاد في سبيل الله ، عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلا كسفينة في بحر لجي ، وان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق ، وأفضل ذلك كلمة عدل عند إمام جائره انتهى (1) . فافهم واعمل شراشر (۲) وجودك في الموعظة لانها الغاية القصوى والمرتبة العليا. إذن . يجب على كل شخص وبمقدار استعداده. من العالي والداني ، يلزم متابعة هذه الطريقة الغراء، والشريعة البيضاء، معتبراً إياها من أهم أموره الدينية أبداً ودائماً ، وعليه يتضح البيان من هذا المجمل ، على أن ارتفاع شأن أهل الصناعة السنية الإلهية النبوية العلوية الساداتية (۳) ، وعلو مقامهم ، وانحطاط رتبة المعرضين عنها ، استكباراً واستنكاراً ، سواء أكان الاستناد في ترك الموعظة مع توفر الشرائط ، ينم عن التكبر . فان الشخص كائناً من كان قد سول له الشيطان ، واذا كان ينم عن الكسل والتراخي فان الشخص يكون خارج زمرة العباد الخالصي الايمان ، نعوذ بالله منها ، فالغرض هو : تخلقوا باخلاق الله واوليائه عليهم السلام ، ولا تكونوا من اللثام .
