أوضح الكاتب : بأن من الأمة الإسلامية أناس أفرطوا في الثقة بالمستشرقين، وبالإعتماد عليهم، مستشهدا بمثال د.طه حسين وأحمد أمين، ود. علي حسن عبدالقادر الذي أعتبره من أوائل تلاميذ المستشرقين في التاريخ الأدبي المعاصر، واعتبر تلك الثقة نوعا من أنواع العبودية، وأن كتب بعض هؤلاء الرواد كان ترديداً لآراء غلاة المستشرقين. وفي المقابل ذكر بعض الشخصيات التي كانت في إتجاه يحمل على المستشرقين واتجاهاتهم المفرطة في التعصب، ومن ضمنهم أحمد الشدياق.
واعتبر أن كلا من الثناء المطلق والتحامل المطلق يتنافى مع الحقيقة التاريخية التي سجلها المستشرقون وقاموا به من أعمال.
صنف مصطفى السباعي الكتاب كالتالي :
*تاريخ الإستشراق* : وبين بأنه لا توجد فترة زمنية تحدد بالضبط بداية الدراسات الإستشراقية، وليس معروف كذلك أول غربي عني بتلك الدراسات، ولكنه ذكر بأن بعض الرهبان قصدوا الأندلس أبان عظمتها ومجدها، وتثقفوا في مدارسها، وترجموا القرآن الكريم والكتب العربية الى لغاتهم، وتتلمذوا على يد المسلمين في مختلف العلوم وخصوصا في الفلسفة والطب والرياضيات.
وبعد ذلك عاد الرهبان لينشروا هذه الثقافة في بلدانهم، وأسسوا المعاهد للدرساسات العربية، وأخذت الأديرة والمدارس الغربية تدرسها.
وفي القرن ال18 وهو العصر الذي بدأ الغرب فيه استعمار العالم الإسلامي، نبغ علماء الإستشراق، وصدروا المجلات للبلدان العربية، وأغاروا على المخطوطات النفيسة للمسلمين وذلك لغياب الوعي لدى من يبيعونهم اياها، ليصل عدد المخطوطات في مكتبات اوروبا في بداية القرن التاسع عشر 250000 مجلد ولازال هذا العدد يتزايد.
*ميدان الإستشراق* : بدأ الاستشراق بدراسة اللغة العربية والإسلام، وانتهى بعد التوسع الاستعماري الغربي في الشرق إلى دراسة جميع ديانات الشرق وعاداته وحضاراته وجغرافيته وتقاليده وأشهر لغاته.
*دوافع الاستشراق* :
*الدافع الديني* : بدأ به الرهبان ولا زال مستمرا حتى عصرنا الحاضر، وفي العصر الحالي كذلك عندما رأو بأن الحضارة الحديثة قد زعزعت أسس العقيدة لدى الغربيين، لم يجدوا خيرا من تشديد الهجوم على الإسلام لصرف أنظار الغربين عن نقد ما عندهم. كذلك الهدف التبشيري يحتم تشويه سمعة الإسلام في نفوس رواد ثقافتهم من المسلمين، للتشكيك في التاث الاسلامي وادخال الوهن في العقيدة والحضارة وكل ما يتصل بالإسلام.
*الدافع الاستعماري* : اتجه الغربيون إلى دراسة هذه البلاد في كل شؤونها من عقيدة، وعادات، وأخلاق، وثروات، ليتعرفوا إلى مواطن القوة فيها فيضعفوها، وإلى مواطن الضعف فيغتنموها، ولما تم لهم الاستيلاء العسكري والسيطرة السياسية كان من دوافع تشجيع الاستشراق اضعاف المقاومة الروحية والمعنوية في نفوسنا، وبث الوهن والارتباك في تفكيرنا وذلك عن طريق التشكيك بفائدة ما في أيدينا من تراث، وما عندنا من عقيدة وقيم إنسانية، فنفقد الثقة بأنفسنا، ونرتمي في أحضان الغرب نستجدي منه المقاييس الأخلاقية.
*الدافع التجاري* : من الدوافع التي كان لها أثرها في تنشيط الاستشراق رغبة الغربيين في التعامل معنا لترويج بضائعهم، وشراء مواردنا الطبيعية الخام بأبخس الأثمان، ولقتل صناعاتنا المحلية التي كانت لها مصانع قائمة مزدهرة في مختلف بلاد العرب والمسلمين..
*الدافع السياسي* : هنالك دافع آخر أخذ يتجلى في عصرنا الحاضر بعد استقلال أكثر الدول العربية والإسلامية، ففي كل سفارة من سفارات الدول الغربية لدى هذه الدول سكرتير أو ملحق ثقافي يحسن اللغة العربية، ليتمكن من الاتصال برجال الفكر، والصحافة، والسياسة، فيتعرف إلى أفكارهم، ويبث فيهم من الاتجاهات السياسية ما تريده دولته، وكثيراً ما كان لهذا الاتصال أثره الخطير في الماضي حين كان السفراء الغربيون ولا يزالون في بعض البلاد العربية والإسلامية يبثون الدسائس للتفرقة بين الدول العربية بعضها مع بعض.
*الدافع العلمي* : من المستشرقين نفر قليل جداً أقبلوا على الاستشراق بدافع من حب الإطلاع على حضارات الأمم وهؤلاء كانوا أقل من غيرهم خطأً في فهم الإسلام وتراثه، لأنهم لم يكونوا يتعمدون الدس والتحريف، فجاءت أبحاثهم أقرب إلى الحق وإلى المنهج العلمي السليم من أبحاث الجمهرة الغالبة من المستشرقين، بل أن منهم من اهتدى إلى الإسلام وآمن برسالته، على أن هؤلاء لا يوجدون إلا حين يكون لهم من الموارد المالية الخاصة ما يمكنهم من الانصراف إلى الاستشراق بأمانة وإخلاص، لأن أبحاثهم المجردة عن الهوى لا تلقى رواجاً لا عند رجال الدين، ولا عند رجال السياسة، ولا عند عامة الباحثين، ومن ثمة فهي لا تدر عليهم ربحاً ولا مالاً، ولهذا ندر وجود هذه الفئة في أوساط المستشرقين.
*ملاحظة* : الكتاب قديم جدا وهو يتحدث عن نشاط المستشرقين لحد الخمسينات والستينات ، *وتوجد منشورات مفصلة تصدر عن العتبة العباسية* تهتم بالإستشراق وكل خطواته وأعماله حتى هذا الوقت.
كما توجد محاضرة جميلة لسماحة الشيخ حسن البلوشي بعنوان : (المستشرقون والشيعة) على يوتيوب ننصح بمشاهدتها