كتاب: التصحيف في متن الحديث
المؤلف: حيدر المسجدي
عدد الصفحات: 292
الهدف الأساسي الذي تبغيه جميع الشرائع السماوية والأديان الإلهية على كثرتها، هو تكميل البشرية وسوقها نحو السمو والكمال، ومنحها سعادة الدارين؛ دار الدنيا والفناء، ودار الآخرة والبقاء. وقد جاءت هذه الشرائع بشكل متتال، فكلّما جاءت شريعة نسخت سابقتها؛ لأنّ كلّ شريعة أكمل من سابقتها، فهي تسمو بالإنسانية إلى درجة أعلى وأسمى. و بما أن الدين الإسلامي الحنيف خاتمة الأديان الإلهية، فهو أشرفها وأفضلها وأتمها، فهو الدين الذي يبدي للبشرية منهجها في شتى مجالات الحياة الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، ويعالج مشاكل الحياة في مختلف المجالات وعلى شتى المستويات. بل لا نجد شيئاً عظيماً كان أم حقيراً إلا وللشرع الإسلامي فيه رأي، ومن هنا ورد في الروايات الشريفة: 1. عن عَليَّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عيسى، عَن يونُسَ، عَن حُسَينِ بنِ المُنذِرِ، عَن عمرو بن قيس الماصِرِ ، عَن أبي جَعْفَرٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَم يَدَعِ شيئاً تحتاجُ إِلَيهِ الأُمَّةُ إِلى يَومِ القِيامَةِ، إِلَّا أَنزَلَهُ في كِتَابِهِ وَبَيَّنَهُ لرسولِهِ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ حَداً، وَجَعَلَ عَلَيْهِ دَلِيلاً يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ عَلَى مَن تَعَدَّى الحَدَّ حَدًا. وورد فيها أيضاً : . عَن مُحَمَّدِ بنِ يَحيَى، عَن أَحمدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عيسى، عَن عَليَّ بنِ حديدٍ، عَن مُرازِمٍ، عَن أَبي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعالى أَنزَلَ فِي القرآن تبيانَ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى - وَاللهِ - ما تَرَكَ اللَّهُ شَيْئاً يَحتاجُ إِلَيْهِ العِبادُ؛ حتى لا يَسْتَطِيعَ عَبْدٌ يَقُولُ: لَو كَانَ هذا أُنزِلَ فِي القُرْآنِ، إِلَّا وَقَد أَنزَلَهُ اللَّهُ فيه . فنجده قد ضم العبادات والمعاملات معاً، كما أوضح آداب الحياة على مستوييها الفردي والاجتماعي؛ فعلمنا آداب المعاش وطلب الرزق، وآداب الطعام والشراب والنظافة والمنام والكلام وغيرها ، مراعياً في ذلك كله خصوصيات الأفراد، فذكر للكبير آداباً تختلف عن الصغير، وللمرأة آداباً تختلف عن الرجل، وللشيخ آدابـاً تختلف عن الشاب، وهكذا. كما وضع لنا آداباً للمعاشرة والحياة الاجتماعية في أوساط المجتمع، والسيرة مع الأهل والولد، والصديق والعدو، والمسلم والكافر، والموافق في المذهب والمخالف له، وسيرة الأمير مع الرعية، وبالعكس، وبين لكل طائفة واجباتها وحقوقها. ومع ذلك فقد قنن أحكاماً جزائية تحول دون تعدّي الأفراد على حقوق الآخرين، فشرع الحدود والتعزيرات.