كتاب: نشوء وسقوط، الدولة الصفوية
المؤلف: الشيخ رسول جعفريان
عدد الصفحات: 368
المقدمة: كان من الممكن اعتبار الصراع الصفوي العثماني جزء من الملفات التاريخية التي تراكم عليها غبار النسيان. وكان يمكن أيضاً أن تكون هذه الدراسة إسهاماً في حقل الدراسات التاريخية لفهم اعمق ووعي أكثر حول الدولة الصفوية التي تعرضت منذ نشوئها لحروب مدمرة وصراع مصيري مرير. وإثر انتصار الثورة الاسلامية في ايران ثم قيام الطاغية والدكتاتور صدام بشن حرب شاملة على ايرن طالت ثماني سنين عجاف جرّت على العراق الويلات وما تزال آثارها باقية حتى الآن. إثر ذلك العمل الجنوني قام نظام البعث الساقط بتوجيه العديد من الرسائل الجامعية نحو تشويه التاريخ الايراني بالتركيز على العهد الصفوي. غير أن التاريخ والحقيقة يشهدان على أن قيام الدولة الصفوية كان اسهاماً كبيراً في الحضارة الإسلامية فقد شهدت ايران في ظل المذهب الامامي ومدرسة أهل البيت أول تجربة لحكم القانون لم يكتب لها الاستمرار بسبب شراسة التحديات الخارجية وبخاصة الصراع مع الدولة العثمانية في الغرب والدولة الاوزبكية في الشرق وتحالف هاتين الدولتين من أجل القضاء على الكيان السياسي للدولة الفتية بل والقضاء على قاعدتها الفكرية، وفيما يخص الدولة العثمانية فقد مارست ابشع اساليب القهر والبطش وارتكبت مذابح مروعة وكان السلاطين يحصلون على فتاوى جاهزة من المؤسسة الدينية التي وصل بها التعصب إلى اعلان ان قتال الشيعة يعدل في ثوابه سبعين مرة قتال الكفار !! ومعروف جداً بواعث تبني الامبراطورية العثمانية للمذهب الحنفي كقاعدة فكرية لأنه المذهب الوحيد الذي يجيز لغير العربي بالحكم؛ من هنا يمكن ان نفهم محاولات العثمانيين للقضاء على الشيعة والتشيع وقيامها باكبر دعاية في العصر الحديث ضد الشيعة. أجل كل هذا يمكن أن يدرج ضمن الملفات التاريخية التي خبا تأثيرها واستحالت جمراتها المشتعلة ذات يوم إلى مجرد رماد إلا أن ما حصل بعد سقوط نظام حزب البعث في العراق واكتشاف المقابر الجماعية التي هزت ضمير الرأي العام في العالم وكشفت له محنة الشيعة ابان حكم حزب البعث لم يهز حتى شعرة واحدة لدى المجاميع شبه القبلية القاطنة في غرب العراق فقد اعتبرت سقوط الطاغية طعنة لها وبدأت تعيد مسلسل القتل والذبح بحق الشيعة بأساليب ارهابية بشعة ولقد صدم الكثيرون بهذه الوحشية التي لا حدود لها. ولم يقتصر الأمر على سنة العراق في الغرب الذين راحوا يتبجحن بالعروبة والقومية العربية وهم من أصول تركية بل امتد الحقد إلى ما هو ابعد من حدود العراق إلى سوريا والاردن وفلسطين واجزاء من السعوديه وحتى المغرب العربي. لقد ظهر جلياً وجود اسلام أموي حاقد يشتمل على مساحة فكرية ونفسية لا أنسانية عنصرية تشكل خطراً على مستقبل البشرية. أن المعركة التي يخوضها الشعب العراقي ضد الارهاب اليوم هي معركة اخلاقية وجزء من الصراع الأبدي بين الخير والشر، والفضيلة والرذيلة، والنور والظلام، والإنسان وجنود الشيطان. وهي معركة حري على العالم اليوم ان يقف مسانداً لهذا الشعب المقهور وأن يمد يد العون له للخروج من محنته.