كتاب: السنن التاريخية في القرآن
المؤلف: السيد محمد باقر الصدر
عدد الصفحات: 193
موضوعنا في هذه الصفحات هو منهج الشهيد الصدر في التفسير . تتناول فهمه لتفسير القرآن، رأيه في التفاسير السابقة، وظيفة التفسير وهدفه، ومن ثم قابليته للحياة. وإذا كانت التجربة هي المعيار في العلوم التجريبية، فإن المقارنة هي المعيار في العلوم الإنسانية. من هنا قدمنا للحكم على تفسير الشهيد الصدر بمهاد نستعرض فيه ماهية التفسير وشؤونه مقياساً نقارن به ما وصلنا إليه في دراسة منهج الشهيد الصدر وتقييم ذلك المنهج . وإذا كان الشهيد الصدر قد عُرف بفلسفته واقتصاده ومنطقه، فإن تفسيره لا يقل أهمية عن كل ذلك، لا بل قد يكون الأكمل والأرقى من خلال استناد كل نظرياته وطروحاته على ذلك التفسير الذي، كما سنرى، يتجاوز ما عداه من تفاسير : إنه تفسير متحرك يواكب الحياة ويسير مع الزمن ليكست النظرية القرآنية قيمومة تجابه ما يتحداها من نظريات وأفكار . ما يطالعنا في استعراض مؤلفات الشهيد الصدر هذه الـ «أنا» التي ألحقها بفلسفتنا، واقتصادنا، ومجتمعنا (۱). هذه الـ «أنا» التي تحدد الهوية والانتماء: الهوية الإسلام العقيدة والفكر والانتماء، الحضارة والتراث. فالباقر يرمي من خلال تلك التسمية إلى الرد على التحدي الذي جوية (1) هذا المؤلف لم ير النور، يشير إليه المؤلف في مقدمة كتابه «اقتصادنا» (دار التعارف للمطبوعات) ط ۱۷ ، ص ۲۷. منهج الباقر في التفسير به الإسلام، والفهم الخاطىء المتعمد لروح الإسلام حضارة وتراثاً وناموساً للحياة . فالإنسان، كما فهمه الشهيد الصدر، خليفة الله في الأرض: (إني جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة [البقرة: الآية (٣٠)، والله هو الهدف الأسمى والمثل الأعلى للإنمسانية جمعاء. وقف الشهيد الصدر أمام استخلاف الله للإنسان وانتمائه في الأرض، فساءه واقع ذلك الإنسان يترنح قلقاً أمام قدسية الخلافة، ويتلوى ضياعاً أمام شرف الأمانة. فقام يذكر الإنسان بإنسانيته أملاً بالارتقاء بتلك الإنسانية من دنس الواقع إلى قدس الخلافة وشرف الأمانة. فكانت عودته إلى الانفتاح على رسالة الإسلام الحقيقية، وإدراك وحدوية طريق الخلاص بالانضواء تحت لواء الإسلام نظاماً وسلوكاً وممارسة . الإسلام، برأي الباقر، وحده طريق الخلاص بعدما عانت الإنسانية، وما زالت، من ألوان القلق والتذبذب بين تيارين ملغوم كلاهما بقنابل الذرة