كتاب: العوالم الغيبية في القرآن
المؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
عدد الصفحات: 304
إن بقاء آثار هذه الموجة الإلحادية إلى الوقت الحاضر في بعض الجامعات وبين بعض الأساتذة، صار سبباً للقيام بدراسة العوالم الغيبية الواردة في القرآن الكريم بصورة موضوعية هادفة حتى يقف المؤمن بأن الدعوة القرآنية قائمة على وجود عوالم غيبية وراء الحس والطبيعة، وأن المعاجز التي جاء بها الأنبياء دليلاً على صدق دعوتهم، حقائق واقعية وليست من مقولة الرموز أو من مقولة الأمور العادية حتى يتجسد في عقله وروحه قوله تعالى: «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (۱). ثم إن الأمور الخارقة للعادة والسنن المألوفة على قسمين، تارة تكون مقرونة بدعوى مقام إلهي، ومنصب سماوي، كالنبوة أو الإمامة التنصيبية من الله سبحانه فيوصف فعله بالمعجزة أي أية معجزة؛ وأخرى تكون مجردة عن الدعوى غير أنه سبحانه أكرم عبده بهذا الفعل، الخارج عن حدود الأسباب العادية، فيوصف عندئذ بالكرامة. وقد قمنا بدراسة المعاجز والكرامات حسب تسلسلها التاريخي وربما سيرد في ثنايا الكتاب ماله صلة بهذين الأمرين مما يتعلق بمن لا يعتبر نبياً ولا ولياً. هذا وقبل الخوض في المقصود نمهد بذكر أمور لها دور في تبيين حقيقة الإعجاز وتبيين ماهيته، وما يلحق به من الكرامات وخوارق العادات. والله هو الموفق للخيرات