كتاب: تأريخ الحديث النبوي، بين سلطة النص ونص السلطة
المؤلف: السيد محمد علي الحلو
عدد الصفحات: 408
فالحديث النبوي الذي نص على الخليفة الشرعي ؛ يحال الى تهميشات تنظيرية ترتكبها مجموعات قفزت على مجمل الاحداث وأخذت بزمام المبادرة وفرضت نفسها خلافة و اسلامية ، لها ( شرعيتها ، كما تدعي ، وأحيل نص الخلافة الى ( روايات أدبية ) أدخلتها الرواية السلفية في هامش الاحداث و أقنعت العقل السلفي بقبوله على أنه تعامل أدبي كان يعمله النبي ﷺ مع ابن عمه فقط . أي أديل نص الخلافة الى نص تشريفي استطاعت من خلاله المدرسة السلفية أن تخلص الى القول : بأن الخلافة أمر دنيوي ليس للنبي علاقة مصيرية يتم من خلال نصه تقرير مصير الخلافة ، فهي ليست أمراً دينياً يتعلق بشؤونه ولازم ذلك تعطيل الارادة الالهية التي ما فتأت تهيمن على دقائق الاحداث فضلاً عن كلياتها . إلا أن استقراء لآيات القرآن يؤكد أنه تعالى له دخل في تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) (۱) دليل على أن الحاكمية في الأرض لابد أن تكون تحت ارادته تعالى وسطوته القاهرة ، وهو أحد مصاديق قوله تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (۱) مما يعني أنه تعالى له الارادة الأولى في ايتاء الملك ونزعه ، فما بال خلافة رسول الله ﷺ تترك هكذا تحت وطأة المذاقات ومشتهيات الناس ؟! والذي نريد تأكيده أن الارادة الالهية المطلقة في الخلافة الاسلامية يترجمها النص النبوي الذي من خلاله يتم التسليم بالخليفة المنصوص عليه ، في حين تحاول مدرسة السلف الى الغاء الدور الالهي في الحاكمية المطلقة من خلال ازواء النص النبوي وتهميشه ، ومن هنا فقد أحيلت نصوص الخلافة لدى العقل السلفي على أنها مراسم نبوية كان النبي ﷺ يظهر فيها حبه لابن عمه وصهره على ابنته علي بن أبي طالب . وبالفعل أعيدت صياغة حديث الغدير - الذي دار البحث على أساسه - إلى محاولة شخصية عاطفية دارئ بها رسول الله ﷺ علياً الذي خالفه بعض المسلمين عند غزوته اليمنية . واذا استطاعت المدرسة النصية السلفية أن تخترق مسلمات النص النبوي ، فانها حاولت في الوقت نفسه الى إحالة ( آلية ، النص الى مجرد دواع شخصية يقيم من خلاله سند الحديث ، واعتمدت المدرسة السلفية على توثيقات غير حيادية أطاحت بمصداقية مدرستها الرجالية ، واعتمدت على التوثيقات المذهبية التي راح ضحيتها أهم صحاح الحديث النبوي ، وأقحمت من جراءها ، ضعاف الاخبار التي اعتبرتها مدونات التحديث السلفي بأنها صحاح الاحاديث .