كتاب: الرؤية الفلسفية، نقد وتحليل، دراسة استدلالية معمقة في نقد الفكر الفلسفي
المؤلف: الشيخ ماجد الكاظمي
عدد الصفحات: 305
و على العاقل أن ينظر بعين البصيرة، في هذه المسألة المهمة والخطيرة، وأن يترك الهوى والتعصب، فإن المسألة يرتهن بها مصير الإنسان، ولقد شاعت في زماننا هذا آراء ونظريات باسم التوحيد الإلهي وباسم الإسلام ومذهب أهل البيت ، وهي بعيدة عن الإسلام والمذهب بعد السماء من الأرض، ولقد وقف أمام هذه الموجة المتلاطمة جمع من علمائنا الكرام، منهم المراجع العظام، وكانت هنالك لقاءات و اجتماعات حول دفع هذه الغائلة وتغيير منهج الدراسة في الحوزة العلمية، فالضرورة قائمة بأن تطرح العقائد الإسلامية من مصادرها النقية من العقل والكتاب والعترة الطاهرة، لا من خرافات اليونانيين وأوهام الفلاسفة، ولا يخفى إن الإسلام جاء برؤية معينة في الأصول والفروع مدعومة بالدليل والبرهان، وهي مخالفة لما عليه الفكر الفلسفي من نظرة وإعتقاد. فالضرر كل الضرر في حذف علم العقل والكلام، وحصره في ذوق أشخاص معدودين، وعليه فلابد أن يقرر في الحوزة العلمية تدريس بعض الكتب العقلية والنقلية الناقدة للفكر الفلسفي، فهذا هو متبنى الحوزة العلمية الشيعية من زمان الأئمة الطاهرين، حيث ألف أصحابهم الكتب في رد الفلسفة ونقضها إلى يومنا هذا، فلماذا لا ينعكس هذا الموقف في منهج الحوزة العلمية؟ و كما قلنا ان العقيدة هي قاعدة كل نظام وان التوحيد الالهي هو الركيزة الاساسية في عقيدة الاسلام وجميع رسالات السماء وقد خصصنا الكلام في عدة من الابحاث في نقد الفكر الفلسفي اليوناني و امتداداته و هنالك مذاهب فلسفية تدعي التوحيد بالقول بان الله سبحانه وتعالى يتمظهر بهذه المخلوقات بمعنى ان هذه المخلوقات ظهور للذات الالهية وانها عينه سبحانه وتعالى وقد تركزت تلك المقالات في الرد على هذه العقيدة الباطلة والمعروفة بعقيدة وحدة الوجود وهنالك عقيدة تخالف الفلسفة بالعنوان وتماثلها بالجوهر وهي: القول بتباين الممكنات مع الله تعالى بناءاً على أن تكون الرابطة T بينهما هي رابطة الموج والبحر ايضا على ان يكون الرب كحقيقة الماء مثلا وما سواه هو صورة الامواج فبينهما تباين بالحقيقة حيث إن حقيقة الأول هو الوجود وتحققه بنفسه والثاني وهي صور الامواج حقيقته هو الكون والتحقق بوجود الغير لا بايجاده وبعبارة اخرى ان التباين بين الخالق والمخلوق يكون من حيث التعين واللاتعين في عين السنخية بينهما من حيث الكمالات المسماة بالنورية وهذا لا يختلف ايضا عن قول الفلاسفة والعرفاء. والذي جاء به الاسلام ونطق به الوحي ان الاشياء بكل وجودها وكيانها وكمالاتها وصورها وتعيناتها مخلوقة الله تعالى ولا يلزم من جعل وجود الاشياء اي تحديد لوجود الله تعالى لان الاشياء حقائق متجزية والله تعالى غير متجزء ولا متوهم بالقلة والكثرة فلا يتصور اي تزاحم بين وجودهما اصلاً.