كتاب: أصول المعرفة والمنهج العقلي
المؤلف: الشيخ أيمن عبد الخالق المصري
عدد الصفحات: 210
فبحثنا في هذا الكتاب ليس بحثا فلسفياً ولا أخلاقياً ولا اجتماعياً أو سياسياً، كما أنه ليس بحثاً طبيعياً أو رياضياً. لأن كل هذه العلوم والمعارف لها موضوعاتها الخاصة بها التي تميزها عما سواها، ولها مناهجها المعرفية المختلفة المناسبة لها، التي تحقق مسائلها العلمية المطلوبة فيها. وإنما بحثنا في هذا الكتاب يدور حول أصول المعرفة الذي يتناول هذه المناهج المعرفية المستعملة في تحقيق وإثبات مسائل سائر العلوم، الأمر الذي يعطيه التقدم الذاتي والصدارة الطبيعية على جميع العلوم والمعارف الإنسانية. وذلك لأن العقل السليم والصريح كما يقطع بضرورة الاستدلال على المطالب العلمية قبل التصديق بصحتها أو سقمها، فهو يقطع أيضاً بضرورة البحث عن حجية تلك الأدلة التي يستدل بها على غيرها في المرتبة السابقة من البحث والتحقيق، وإلا لأصبح الاستدلال بها ضرباً من الوهم والخيال، والصرح العلمي والفكري المبني عليها قصراً على رمال. ومن خلال سفرنا الطويل ورحلتنا العقلية على ضفاف هذه المباحث السنية، سنطوي منازل متعددة حسب مقاصد هذا الكتاب وسنرى من خلال فصوله ما يثير العقول والقلوب ويكون عبرة لأولي الألباب. وسنستعرض في مباحث الكتاب أمهات الآراء والمدارس المعرفية المختلفة، من خلال أقوال أئمتها ومشايخها ونبين معالمها الكلية، ثم نتعرض لها بالتحليل والنقد الموضوعي، وذلك بالميزان العقلي البرهاني البسيط والصريح، حتى تسفر عن وجهها، ويتميز حسنها من قبحها، وصحتها من سقمها، ولا نبتغي من وراء هذا البحث الطويل الشاق، سوى إحقاق الحق وإثبات الصدق، دون التعصب لجهة دون أخرى، حتى تصل بنا سفينة البحث والتحقيق في لجة هذا البحر العميق إلى شاطئ الأمن والأمان، باكتشاف المنهج المعرفي والميزان الذي يمكن الاعتماد عليه، والركون إليه، وبناء صرح المعرفة والعلوم الإنسانية عليه. وليس لنا زاد في سفرنا هذا سوى التمسك بالعروة الوثقى، والاعتصام بحبل الله المتين، والتوكل على العلي القدير واللطيف الخبير ، إنه نعم المولى ونعم النصير. وفي الختام، أود التنويه إلى أمرين: الأول: لا يخفى أن الكتاب في طبعته الأولى كان لا يخلو من وجود بعض الأخطاء المطبعية غير المقصودة، حاولنا تلافيها قدر الإمكان في هذه الطبعة، لتكون خالية من الاخطاء . الثاني : لقد زدت في تحقيقات بعض المطالب العلمية، وكذا في ترجمة أصحاب المدارس المعرفية والشخصيات البارزة؛ لكي يُعرف المستوى الفكري الذي يتمتعون به، وكذلك ترجمة بعض الأسماء التي ذكرت في الكتاب وكانت آراؤهم غير سديدة، فقد ناقشنا آرائهم حسب الموازين العلمية الدقيقة من جهة، ومن جهة أخرى لكي لا نحيل القارئ في الرجوع إلى بعض المصادر التي قد لا تكون متوفرة عنده، ولكي يكتمل الكتاب بإضافة هذه المطالب المهمة من جهة ثالثة