كتاب: المعرفة في القرآن
المؤلف: الدكتور السيد محمد الحسيني البهشتي
عدد الصفحات: 344
الكتاب الذي بين يديك يتألف من مجموعة ثلاثة عشر بحثاً، تحت عنوان (المعرفة في نظر القرآن قدمها آية الله الشهيد الدكتور بهشتي بين عامي ۱۹۷۷ - ۱۹۷۸م، ومكان إلقاء هذه الأبحاث هو منزله الشخصي، فمنذ عودته من ألمانيا صيف عام ۱۹۷۰م، كثرت المراجعات والطلبات بشأن الالتقاء به للاستفادة من بحوثه وكلماته، ولأنه كان حريصاً على تنظيم وقته، فقد قرر تخصيص فترة ما بعد الظهر من كل يوم أربعاء لهذا الأمر، وكان من نتائج هذا القرار أن اقترح بعض المشاركين في تلك اللقاءات طرح بحوث في الجانب النظري من الدين، الأمر الذي حظي بترحيب الدكتور بهشتي . وكان بحث المعرفة أحد الموضوعات التي وقع عليها الاختيار، وينبغي أن نذكر للقراء الذين لم يدركوا تلك السنوات، أنه على الرغم من أن البحوث المتعلقة بمجال نظرية المعرفة، كانت مطروحة دائماً على صعيد التفكير الفلسفي والبحث العلمي منذ بضعة آلاف من السنين، وكانت تشغل حيزاً مهماً من النشاط الفكري، ولأجل ذلك كانت من البحوث الدائمة الحيوية، وكان لها حضور دائم وضروري على ساحة التلاقحات الفكرية، إلا أن طرح الدكتور بهشتي لمبحث المعرفة في ذلك الوقت احتل رقعة لفتت أنظار المناضلين والناشطين في مجال النهضة آنذاك . في تلك السنوات كان يتم تداول مبحث المعرفة على شكل كراسات أو كتب تحمل هذا العنوان، يتداولها المفكرون والناشطون في المجال السياسي والاجتماعي من ذوي الرؤى الماركسية، وشريحة من المثقفين والمجاهدين المسلمين - الذين كانوا مضافاً إلى مشاركتهم الفعالة في الحركات السياسية السرية والعلنية، وخاصة في الحركات المسلحة السرية ضد النظام الشاهنشاهي الظالم - كانوا يزاولون نشاطاً أيديولوجياً ويبذلون من أجل ذلك جهوداً منظمة، مما تمخض عن طرح أسئلة كثيرة في هذا المجال . وكان من الطبيعي أن يبحث كثير من الشبان ـ الذين يدرسون في الجامعات أو خارجها - عن أجوبة واضحة ومقنعة عن تلك الأسئلة من الأشخاص الذين يرونهم على معرفة عميقة وعلم بالدين، يجعلهم جديرين بتحمل مسؤولية الإجابة . وكان الدكتور بهشتي يعد من جملة علماء الدين، خصوصاً عند المتنورين من العلماء، ومن يتمتعون بوضوح الرؤية، سيما بالالتفات إلى معرفته المباشرة بالفكر الغربي من مصادره الأصلية، ومعرفته العميقة ونقده العلمي لهذا الفكر، وقد بادر للاستجابة لهذا الطلب - كما هو مشهود في أكثر مؤلفاته - مسترشداً بالقرآن الكريم، مبيناً بواسطته أجوبة المسائل المطروحة في هذا المضمار، وبهذه الطريقة قام بإحياء القرآن بوصفه - في اعتقاد المسلمين - كتاب هداية للناس جميعاً.