كتاب : أضواء على التقية
المؤلف : السيد علي الحسيني الصدر
عدد الصفحات : 87
من الحقائق الدينية التي هي من طلب الاسلام، ووليدة القرآن، وحصيلة السنة. وعليها الاجماع، وسيرة الأصحاب، وحكم العقل : التقية. وهي من سنن الأنبياء، وشعار الصلحاء، وعمل الشيعة الأصفياء. وقد طعن عليهم بعض خصومهم من العامة، واستنكروها عليهم غاية الاستنكار، مع أن صحاحهم ومسانيدهم وكتبهم مليئة بذلك، ومصرحة بما هنالك، إلا إن القلوب منكوسة، والأقوال معكوسة ... قال السيد شير : قد شنع المخالفون علينا في قولنا بالتقية مع كثرة الدلائل القاطعة عليها من الكتاب والسنة ، وقد رووا ما يدل عليها من طرقهم ..... روى البخاري في صحيحه في باب فضل مكة وبنيانها باربعة أسانيد، ومسلم في صحيحه، ومالك في الموطأ، والترمذي والنسائي في صحيحهما أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبدالله بن عمر عن عائشة ، أن رسول الله الله قال لها : ألم ترى أن قومك حين بنوا الكعبة ما اقتصروا على قواعد ابراهيم ؟(۱). فقلت: يا رسول الله ! ألا تردها على قواعد ابراهيم ؟ قال : لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت . ومن لفظ البخاري ومسلم عن الأسود بن يزيد ، عن عائشة ، قالت : سألت النبي عن الجدار : من البيت هو ؟ قال : نعم . قلت : فما لهم لم يدخلوه في البيت ؟ قال : إن قومك قصرت بهم النفقة . قلت : فما شأن بابه مرتفعاً ؟ قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا ، ولو لا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه بالأرض. وفي صحيح البخاري عن جوير بن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة : أن النبي قال لها : يا عائشة ا لو لا أن قومك حديثوا عهد بالجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه والزقته بالأرض، وجعلت له بابين باباً شرقياً وباباً غربياً، فبلغت به أساس ابراهيم. ولا ريب أن ظاهر هذه الأخبار أن تعليق الامضاء بحدثان عهد القوم وقربه من الكفر والجاهلية يستلزم خوفه صلى الله عليه وآله من إرتدادهم وخروجهم عن الاسلام، أن يعود بذلك ضرر إلى نفسه أو إلى غيره ويتطرق بذلك الوهن في المسلمين، وهذا هو النقية ) (٢).