كتاب : سبيل الهداية في علم الدراية، والفوائد الرجالية
المؤلف : المولى علي الخليلي الرازي النجفي
عدد الصفحات : 497
إن من أهم الحوادث في تاريخ العلم في الإطار الشيعي الإمامي وأبرز التحولات فيه بروز رؤى عند مجموعة من العلماء الأعلام، ترمي إلى خصوص التمسك بالأخبار الواردة عن أهل البيت والوقوف عليها، دون الحاجة إلى درايتها، ودراسة رجال أسنادها، والإعراض عن تأصيل الأصول الفقهية وقواعدها، بدعوى أن أغلب مواضيع هذه العلوم من العلوم المستحدثة، وعليه يجب الاقتصار على خصوص ما ورد عن الأئمة والسلف الصالح المعاصرين لهم ، وغير هذا من الآراء، حتى عرفوا بالأخباريين. فإن ما حدث بعد القرن العاشر الهجري وما تلاه - من مناظرات ومناقشات، ونقض وإبرام، وتساؤلات وردود، بين علمائنا الأصوليين وبين الأخباريين، ربما تجاوز بعضها حدود اللياقة الأدبية والعلمية - أدى إلى نشاط الحركة العلمية ونهوضها في الجملة، بسبب اختلاف الآراء وتصادم الأفكار، وتعدد التصورات وتلاقحها مما أثمر دراسات قيمة، وبحوثاً عميقة، خصوصاً في علم أصول الفقه، ويعضده علم الدراية والرجال الذي يهمنا البحث عنه . وفي القرن الثاني عشر والثالث عشر للهجرة ألقى الوحيد البهبهاني المتوفى سنة ١٢٠٦ هـ ظلاله على الحوزات العلمية ببحوثه الفريدة، وآرائه السديدة، وطروحاته الجديدة، في أصول الفقه، والتي أذعن لها الكثير في أوج الأزمة العلمية وعمقها بين الأصولية والأخبارية، وفي مركزه العلمي ومحل نشاطه كربلاء المقدسة، ولا يقل دوره في علم الدراية والرجال عن أصول الفقه، حيث كان مميزا ورائدا في أطروحاته وآرائه فيهما، خصوصاً في تعليقته على كتاب (منهج المقال في علم الرجال) للميرزا الأسترآبادي، إذ أنها أخذت مساراً رياديا واسعاً، وأضحت موضع النقض والإبرام، والشرح والتوضيح، والتأييد والتعليق عليها من معظم الفقهاء والرجاليين، واعتبرت خاتمة لما سبق، وفاتحة لما استقبل، في علم الدراية والرجال، بل أصبحت في تلك الأيام، إلى ما يقارب عصرنا هذا محوراً في الدروس والإشكال والتعليق في هذا العلم، حتى عُد المحقق الوحيد البهبهاني المجدد على رأس المائة الثالثة عشرة للهجرة.