كتاب : القنوت ، من وجهة نظر الصحابة وأهل البيت ع
المؤلف : الدكتور عبدالرسول الغفاري
عدد الصفحات : 111
وبعد، لقد تسنى لي وأنا أواصل كتاباتي في علوم القرآن - أن أدون جانباً من بحث الصلاة وبعض السنن التي كان يتبعها النبي الله وأهل بيته الأطهار، فشرعت في موضوع القنوت فكان بحثاً فقهياً مقارناً بين مدرسة اهل البيت ع ومدرسة الخلفاء. تقصيت في هذه الدراسة المتواضعة المنابع المعتمدة عند الفريقين منذ أن شرعت الصلاة التي كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ، وحتى العهد الأموي، بل وما تلاه من عهود إلى يومنا هذا. ولا يخفى على الجميع أن القنوت كما في اللغة هو الطاعة والسكون، والدعاء القنوت والقيام في الصلاة، والخشوع فيها وطول القيام، وأما عرفاً شرعياً هو الذكر في حال مخصوص، أي في حال رفع اليدين بعد القراءة من الركعة الثانية في الفرض والنقل، وهو من المستحبات المؤكدة عند مدرسة أهل البيت الله، بل هو كذلك عند جميع المذاهب، فلا خلاف بين المسلمين في مشروعيته في الصلاة. وهو مستحب في كل صلاة مرة واحدة، فرضاً كانت أو نفلاً، أداء أو قضاء ؛ إنه مستحب ليس بفرض عند جميع علمائنا، ويستفاد من النصوص الواردة أنه أكد في الصلاة الجهرية والجمعة والوتر، وفي بعضها أكد في صلاة الغداة والجمعة والوتر والمغرب. اما الروايات التي أشارت إلى كون القنوت في صلاة الفجر فقط - فهي على ندرتها - انما هي صادرة للتقية، وهو عين المحكي عن الشافعي. وقد ألجأنا البحث إلى أن نتطرق إلى جانب من بحث النسخ، حيث كانت سيرة الخليفة عمر بن الخطاب أن قرأ في قنوته بسورتين - سورتي الخلع والحفد . ثم ادعى أنهما نسخنا، وهذا الإدعاء يفضي إلى القول بنقص القرآن، ومن ثم القول بتحريفه، وسوف تجد اصرار الخليفة على هذه النقيصة من خلال عشرات الروايات في الكتب المعتبرة عند أهل السنة. ولكي نقف على حقيقة القنوت وأنه سنة مؤكدة من قبل النبي ينبغي على القاريء اللبيب والباحث النزيه أن يتابع فصول بحثنا هذا بدقة وامعان، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. المؤلف عبد الرسول الغفاري بيروت غزة شهر رمضان المبارك ١٤٢٧هـ.