كتاب : الإمام علي عليه السلام ، منتهى الكمال البشري
المؤلف : السيد عباس علي الموسوي
عدد الصفحات : 208
وقد عرف كثير من الناس ان الحق مع علي وعلي مع الحق تصديقاً لرسول الله وللحقيقة البيضاء، ولكن خوفاً من الحكام لم يجهروا بالحق، فكانوا جبناء المواقف منهزمين ضعفاء ، فقد سأل أبان بن عياش للحسن البصري عن علي ، فقال : ما أقول فيه : كانت له السابقة والفضل والعلم والحكمة والفقه والرأي والصحبة والنجدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة ، إن عليا كان في أمره علياً ، رحم الله عليه وصلى عليه . فقلت يا أبا سعيد أتقول (صلى عليه ) لغير النبي ؟ فقال : ترحم على المسلمين إذا ذكروا وصل على النبي وآله وعلي خير آله ، فقلت : أهو خير من حمزة وجعفر ؟ قال : نعم ، قلت : وخير من فاطمة وابنها ؟ قال: نعم والله إنه خير آل محمد كلهم ، ومن يشك إنه خير منها ، وقد قال رسول الله ﷺ ( وأبوهما خير منها ) ولم يجر عليه اسم شرك ولا شرب خمر ، وقد قال رسول الله ﷺ الفاطمة عليها السلام : ( زوجتك خير امتي ) فلو كان في امته خير منه الاستثناء ولقد آخى رسول الله ﷺ بين أصحابه ، فأخي بين علي ونفسه ، فرسول الله خير الناس نفساً وخيرهم أخاً ، فقلت : يا أبا سعيد فما هذا الذي يقال عنك إنك قلت في علي : ( كان يقال أنه منحرف عن الإمام ) . فقال : يا ابن أخي أحقن دمي من هؤلاء الجبابرة ، ولولا ذلك لثالت بي الخشب . هذا نموذج ممن عرف علياً ، ولكنه لم يجرأ أن يعلن عن موقفه ، فكان يسره البعض أصحابه ، ولكن غيره لم ترهبه السيوف وبريقها ، بل كانت عنده أتفه من أن يحسب لها حساب إذا تعارضت حياته مع مبدئه والنور الذي آمن به . إن هذه الصفات الكريمة التي اجتمعت في على بدليل الاستقراء ، نكتشف بها إمامته ، إذ لم تكن مجرد صدف تتواقف وتلتقي في شخص واحد ، فإن بعض الناس ينفرد بالعلم ، وبعضهم الآخر ينفرد بالشجاعة ، وثالث ينفرد بصفة أخرى ، وهكذا تتقاسم مجموعة الناس مجموع الصفات ، فيأخذ كل واحد منهم يطرف منها ، ولكن علياً كان ملتقى الجميع الصفات والمجمع لكل الكمالات ، وهذا بنفسه دليل إمامته . A وهذه جولات مع بعض صفات علي وكمالاته نستعرضها باقتضاب كي تجدد الولاء له، ونعيد لأنفسنا الحياة من جديد باتخاذ علي إماماً وقائداً وملهما نتخذه وأهل بيته الأئمة الطاهرين ، وترفض كل الأصنام والأوثان التي طرحت كبدائل عنه قديماً أو حديثاً كي تحقق طموحاتنا الإسلامية المنشودة ، فإلى الحديث عنه وإلى الله المرجع والمصير .