كتاب: نظرية المعرفة ، في ضوء آخر تجليات عصر الحداثة، كارل بوبر مرتكزا
المؤلف: السيد عمار أبورغيف
عدد الصفحات: 406
✨ الملخّص العام للكتاب
🔹 أولاً: مقصد الكتاب ومنهجه
يروم المؤلّف – رفع الله قَدْره – إلى تقديم قراءة نقديّة معمّقة لنظرية المعرفة الحديثة، من خلال التركيز على أحد أعمدتها الكبار:
كارل بوبر، صاحب النزعة النقديّة ومبدأ التكذيب (Falsification).
والكتاب يحاول أن يرصد:
-
كيف تغيّرت صورة المعرفة في عصر الحداثة المتأخر،
-
وكيف أصبحت النقدية بديلاً عن اليقين،
-
وكيف يتعامل العقل المعاصر مع حقيقة وحدود ووظيفة المعرفة.
إنه كتاب في فلسفة العلم والإبستمولوجيا، بنَفَسٍ معاصر، وبمنهج تحليلي يزاوج بين:
-
العرض،
-
النقد،
-
والتحقيق.
🔹 ثانياً: بنية الكتاب ومحتواه العام
ينقسم الكتاب – إجمالاً – إلى عدّة محاور رئيسة، يمكن تلخيصها كما يلي:
1. ملامح عصر الحداثة المتأخر
يُمهّد المؤلف بتشخيص طبيعة المرحلة التي نعيشها، والتي تميزها:
-
نهاية وهم اليقينيات الكبرى،
-
تحوّل المعرفة من المطلق إلى النسبي،
-
سطوة العلم التجريبي،
-
تفكّك الميتافيزيقا التقليدية،
-
صعود الفرد بدلاً من المؤسسة.
ويشير إلى أنّ العقل المعاصر يعيش قلق المعرفة:
لا هو قادر على الوصول إلى يقينٍ مطلق، ولا يستطيع الاستغناء عن المعرفة كأساسٍ للفعل البشري.
2. مدخل إلى نظرية المعرفة
يعالج فيه سؤال المعرفة من جذوره:
-
ما المعرفة؟
-
كيف نعرف؟
-
ما حدود العقل؟
-
ما طبيعة الحقيقة؟
ثم يعرض أهم المدارس:
-
المدرسة العقلية،
-
المدرسة التجريبية،
-
النقدية،
-
البراغماتية،
-
الوضعية المنطقية.
ويبيّن كيف تمهّد هذه المدارس لصعود بوبر.
3. كارل بوبر ونظرية المعرفة النقدية
وهو قلب الكتاب، وأوسع فصوله.
يعالج المؤلف أهم محاور فكر بوبر:
-
العقلانية النقدية: العقل ليس آلة إثبات، بل أداة نقد وتصحيح.
-
التخمينات والتكذيبات: العلم يتقدم لا بالتحقق، بل بالدحض.
-
رفض الاستقراء: لأن التعميم من الجزئيات لا يؤدي إلى يقين.
-
التراكمية السلبية للعلم: المعرفة تتقدم بحذف الأخطاء.
-
الموضوعية العلمية: ليست “حقيقة مطلقة”، بل “قابلية الاختبار”.
ويقدّم المؤلف نقداً هادئاً لهذه الرؤية، مبيناً قوتها وضعفها.
4. مناقشة فلسفة بوبر في ضوء الحداثة
يبرز المؤلف أنّ فلسفة بوبر كانت ردّاً على:
-
الشموليات السياسية،
-
واليقينيات المطلقة،
-
والنزعات الدوغمائية في الفكر.
لكنّه يبيّن أيضاً أنّ:
-
النزعة النقدية حين تُطلَق بلا قيود، تقود إلى فوضى معرفية،
-
وأنّ ربط العلم بمبدأ التكذيب فقط يبخس البحث الإنساني عن الحقيقة.
5. نظرية المعرفة بعد بوبر
يعرض الكتاب كيف أثّر بوبر في من جاء بعده:
-
إيمري لاكاتوش (برامج البحث العلمي)،
-
فايرابند (نقد المنهجية)،
-
كوهن (الثورات العلمية)،
-
وأثرهم في ما بعد الحداثة.
وفي هذا يبيّن المؤلف أنّ الفكر المعاصر يميل إلى:
-
اللايقين،
-
النسبية،
-
التشظي المنهجي.
6. نقد شامل للتصور الحديث للمعرفة
هنا يصل المؤلف إلى ذروة الكتاب، حيث يعرض نقداً فلسفياً لنتائج الفكر الحداثي، ويبيّن:
-
أنّ المعرفة لا يمكن أن تقوم على النقد وحده،
-
وأنّ الإنسان بحاجة إلى مركز ثابت،
-
وأنّ فصل المعرفة عن الغاية والقيمة أضعف إنسانية الإنسان.
وهو نقد يقترب – بصورة غير مباشرة – من الرؤية الدينية للمعرفة، من حيث حاجتها إلى:
-
غاية،
-
منهج،
-
معنى،
-
وغاية أخروية.
🔹 ثالثاً: أهم ما يميّز الكتاب
-
جمعه بين العمق الفلسفي وسلاسة العرض
-
مقارنة واسعة بين بوبر والمدارس الأخرى
-
قدرة نقدية عالية في تحليل النصوص
-
إدراكٌ دقيق لوضع المعرفة في عصر الحداثة
-
نزعة واقعية تحاول إنقاذ المعرفة من السقوط في النسبية المطلقة
✨ خلاصة الخلاصة
الكتاب دراسة وافية في إبستمولوجيا الحداثة، تُبرز أنّ:
-
مشروع كارل بوبر كان أهم محاولة لإنقاذ العلم من اليقينيات الزائفة،
-
لكنه انتهى – من حيث لا يشعر – إلى تكريس اللايقين والشك البنّاء،
-
وأنّ الفكر الإنساني المعاصر لا يستطيع العيش بلا "حقيقة"،
-
لكنّه أيضاً لا يملك البرهان المطلق على تلك الحقيقة.
ومن هنا تأتي قيمة هذا الكتاب:
إنه يقف على تخوم العقل الحديث، ويحاور أزمة الحقيقة في زمنٍ تهتزّ فيه جميع المسلّمات.


