الأمر بين الأمرين

أضيف بتاريخ 03/08/2024
مكتبة نرجس للكتب المصورة


كتاب: الأمر بين الأمرين، تحقيق أنيق حول نفي الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين
المؤلف: السيد حسين الشمس
عدد الصفحات: 901


أما بعد، فمن المسائل المهمة والعويصة التي وقعت مورد الاختلاف، وتضاربت والتفويض والأمر فيها الأقوال والآراء مسألة أعمال الأناسي وأنها هـل تكـون بـالإجبار وغـيـر اختيارية، أو تكون بالاختيار وغير إجبارية؟ وعلى فرض كونها اختيارية هل يكون فاعلها غير مستقل طولاً حدوثاً وبقاء، أو غير مستقل حدوثاً لابقاء؟ بين الأمرين والأوّل: قول القائلين بالجبر بأقسامه مع اختلافهم في كيفية الجبر. والثاني: قول القائلين بالأمر بين الأمرين. والثالث : قول القائلين بالتفويض والمفوضة وهم المعتزلة. والقائلون بالجبر مختلفون في كيفية الجبر بعد اتفاقهم فيه، ولهم فيها أقوال و آراء: أحدها: أنه لا دخل لغير الله تعالى بوجه في وجود عمل الإنسان وعدمه. وفي إيجاده وتركه، وأنه لا يتوقف على علل ما سوى الله بأقسامها من الفاعلية وغيرها، وأن الدخيل المحض والمؤثر التام فيهما هو الله تعالى، وأنه لا مؤثر في وجــود الممكنات جميعها بأنحائها وتحققها إلا الله تعالى، وأن وجود عمل الإنسان وعدمه يدور مدار إيجاده تعالى له، وعدم إيجاده. ويقول: إن إرتباط عمل الإنسان بما يسمى دخيلاً فيه بنحو العلة الفاعلية، كقدرته أو شرط الفاعل، كمبادئ الاختيار، وكاليد وصحتها، وكالقلم والعلة القابلية، كالقرطاس في الكتابة أو هي لغيرها يكون من باب المقارنة الاتفاقية لا اللزومية بين وجودها، وإيجاد الله تعالى لعمله؛ لأجل جريان عادة الله تعالى وسنته على إيجاد عمله عند وجودها، وعدمه عند عدمها من دون دخالة شيء منها بوجه في وجود عمله. ولأجل الارتباط بين وجودها وعدمها، وبين عمل الإنسان وجوداً أو عدماً بالنحو المذكور. يقولون بأن عمل الإنسان يصير كسباً له وهو كاسب له لا موجوداً بإيجاده، وهو الموجد له، والعلة الفاعلية له، ومعطي الوجود، وما منه الوجود؛ لأنّ الفاعل والعلة الفاعلية. والموجد له، ومعطي الوجود، وما منه الوجود هو الله تعالى وحده بزعمهم، فعمل الإنسان الموجود في الخارج كسب له، وهو الكاسب له، وخلق ومخلوق له تعالى بخلقه له، ويكون إيجاداً له، وموجوداً بإيجاده تعالى وحده. ويقولون: إن ارتباط عمل الإنسان به بالنحو المذكور الموجب لكونه كسباً له وهو الكاسب له يكفي لصحة إرسال الرسل، وإنزال الكتب، وصحة جعل التكاليف والوظائف العملية للإنسان، وعدم لزوم لغويتها، ويكفي لإجراء الثواب والعقاب عليه في الدنيا والآخرة، ولسائر ما يترتب على عمل الإنسان، واستحقاق الثواب والعقاب المعبّر عنهما اصطلاحاً بالحسن الفاعلي والقبح الفاعلي ليسا عندهم من لوازم عمل الإنسان عقلاً وعقلاء.

al'amr bayn al'amrayn al'amr bayn al'amrayn