تأريخ كربلاء، وحائر الحسين

كتاب: تأريخ كربلاء، وحائر الحسين عليه السلام
المؤلف: الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة
عدد الصفحات: 248

ومع أن لكربلاء مثل هذه القدسية، ومثل هذه المكانة السامية في التاريخ وهي مضافاً الى ذلك من المراكز الدينية العظيمة في الاسلام يؤمها في السنة ما لا يقل عن المليون نسمة من الرواد والزائرين من مختلف الامم والشعوب للعبرة والذكرى، مع ذلك کنه فقد بقيت كربلاء هي ومعالمها الغابرة والحاضرة في التاريخ قيد الظروف ورهن الاوضاع الطارئة تنقاذفها الامواج فلم يسجل من تاريخها إلا الشيء اليسير والنزر القليل في بعض الكتب وذلك على هامش الحوادث أو في ضمن قضايا اخرى بحيث كاد هذا التاريخ ان يصبح نسياً منسياً. وعلاوة على ذلك كله، فان شؤون كربلاء العامة لم تعالج معالجة وافية إذ لم يقدر لها الحظ طوال تلك القرون المنصرمة أن تدرس شتات اوضاعها وأحوالها في سجل يعطي القاريء ولو بعض الفكرة عن ماضيها وحاضرها وهذا النقص البارز في تاريخ هذه المدينة الاسلامية المقدسة هو الذي دفعنا في السنين الأخيرة ان ننصرف الى سد هذا النقص بقدر الامكان فنجمع شتات تاريخها من مختلف الكتب الخطية النادرة والمطبوعة منها ونضع هذا الكتاب لافتقارها الى مثله على الأقل، وكانت رغبة الجمهور الملحة من الطبقات المثقفة خير مشجع لنا في اخراجه الى عالم الوجود دون ان نشير في هذا المقام الى ما تعتري الباحث في هذا السبيل من صعوبات جمة في البحث والتنقيب والتحليل لأمور وقضايا كان التوصل اليها من جهة، وثم التغلب عليها من جهة اخرى من الصعوبة بمكان، غير ان المثابرة على العمل والجهد المتواصل في البحث والتتبع كانا كفيلين لدرك الغاية الى حد ما. ومع ذلك كله لسنا نقول بأننا قد أوفينا الموضوع حقه لا لقصور وانما لعدم العثور الى الآن على أكثر مما نقدم. ولعل الزمن وحده يكون كفيلاً لانجاز الموضوع وإيفاء حقه. فان ما نزفه اليوم في هذه العجالة الى العالمين العربي والاسلامي من تاريخ كربلاء ماضيها وحاضرها منذ العصور القديمة في التاريخ الى الوقت الحاضر لم نحصل عليه إلا بجهد جهيد وعناء شديد لا بد منهما لمن يحاول البحث في تاريخ قد تشتتت أجزاؤه وتفرقت أوصاله في مختلف الكتب القديمة والحديثة الموجودة وغير الموجودة منها.