شعر الرثاء العربي

أضيف بتاريخ 05/28/2020
مكتبة نرجس للكتب المصورة


كتاب: شعر الرثاء العربي واستنهاض العزائم
تأليف: الدكتور عبد الرشيد عبد العزيز سالم
الناشر: وكالة المطبوعات – عبدالله حرمي
الطبعة: الاولى 1982م
عدد الصفحات: 139
الحجم: 1.6 MB


مقدمة كلما تعمق الانسان أبعاد الحياة ، دعاه ذلك إلى إعادة النظر في مفهوم الموت وما يترتب عليه من آلام وأحزان وصراعات تقترب أو تبتعد من دائرة الزمن، ذلك الزمن الذي يخط رسومه ويبني هياكله الانسان وهو في الحقيقة لادخل له في أساسات بنائه، كما أنه لا يملك رد تداعيه أو تساقطه، وبمقدار ما ويدرك من ذلك تكون مواجهته لحقيقة الموت والتغير الدائمية في هذا الوجود. لذلك فقد كانت مأساة البشرية بالموت في عصورها الانسانية السحيقة عميقة الغور بعيدة التأثير في مسارات الحياة نفسها. فالعناية بالقبور والاهتمام بيوم الرحيل، أديا إلى سيطرة الكهان، والتباطؤ في القفز بالحياة الدنيا الى غاباتها المرجوة . وجاءت الأديان السماوية لتجعل الموت مقدمة لحياة أرحب وأوسع وأبقى من هذه الحياة المحدودة بزمن، وتحفز أهلها إلى السيطرة على أطياف الحزن التي تحيق بهم عند مواجهة الموت. لأنهم موعودون بما هو أرقى وأفضل مما هم فيه على ربوع هذه الأرض، ودعتهم إلى الارتقاء والتقدم والأخذ بأسباب الحياة النافعة، لأن ذلك مدار التصنيف والموازنة بين البشر في حياتهم الثانية. وهكذا انطلقت الحياة من أغلال كثيرة كانت تعيق الانسان الأول وتحد من قدراته، بل وندفعه في أحايين كثيرة إلى الخوف والوهم من يومه وغده . وكان الشعراء عبر كل عصر وفي كل زمن هم و أقدر الناس على تصوير الموت والفجيعة به. وتلونت أشعارهم فيه بألوان تتناسب الأزمان والمواقف، حتى لتعاد هذه الأشعار بعمقها واتساعها تكون سجلا للأمم ولحقبها المختلفة ولرجالاتها وأهم مواقفهم وأعمالهم وصفاتهم . والأمة العربية أكثر أمم الأرض ميلا للشعر واحتفالا به. وبالشعر تخاطبوا وتعارفوا وسجلوا معظم العلوم والفنون، وصوروا آلامهم وآمالهم، ونسجوا خیالاتهم وأحلامهم. وكان لهم مع الموت أبعاد ورؤى اختلفت وتعددت قبل الاسلام وبعده. فقالوا فيه ما يبكي ونظموا حوله ما يشفي ويريح النفس والفؤاد. وجعلوه في بعض الأحيان غاية تتطهر به الروح وترتقي . لذلك فإن شعر الرثاء العربي جاء متنوعة بتنوع هذه المفاهيم فمنه ما نسج لیستزرف الدمع ويثير الوجدان ويحرك الأفئدة رثاء وبكاء على الراحلين. ومنه ما قصد به الشاعر إبراز، محاسن الميت وتسجيل أمجاده وأعماله إبقاء لذكراه وتخليدا لها وحثا على الاقتداء بها والسير على نهجها. وعرف ذلك بالتأبين. ومنه ما ينطلق به الشاعر إلى ما وراء الموت مستلهي حقيقة الحياة الخالدة ومصورة أبعاد هذه الحياة الدنيا وموقف الانسان منها، وما يمكن أن يكون له أو عليه. وهو بذلك يعزي نفسه أو غيره ممن وقعت بهم مصيبة الموت أو دارت علیهم دورته . وقد حاولت أن أقتطف بعضا من هذه البحور الزاخرة بهذا الفن من الرثاء. وأن أقدمها عبر عصور العربية المختلفة في ثوب من اليسر والسهولة بعيدة عن الإغراق في الشرح والتحليل والموازنة، وإنما بتصوير للحدث وموقف الشاعر منه، وما جادت به قريحته فيه. محاولا - قدر المستطاع أن أربط بين الأثر النفسي عند الشاعر وبين ما يهدف اليه من استنهاضه للعزائم والهمم، وقدرته على تحقيق هذا الهدف من خلال النصوص التي تمثل ذلك من بين أشعاره المختلفة. وكان حرصي شديدا على أن تكون النصوص المختارة كثيرة ومتنوعة، مع محاولة عدم الإطالة بعرض مقطوعات مطولة إلا فيما يفرضه الموقف، ويقتضيه ترابط المعاني . ومن الله أرجو النفع والتوفيق. المؤلف دكتور عبد الرشيد عبد العزيز سالم ۱۹۸۲ / ۲ / ۱۰م

شعر الرثاء العربي - عبد الرشيد عبد العزيز سالم شعر الرثاء العربي - عبد الرشيد عبد العزيز سالم