سفاح بغداد - قصة حكم صدام على ابنه عدي بالإعدام

أضيف بتاريخ 06/19/2024
|

لقراءة الكتاب من مكتبة نرجس:
https://www.narjeslibrary.com/gdyd-alktb/c/0/i/52036048/article-5022

اشترك في القناة ليصلك جديدنا

كتاب: سفاحُ بغداد


للكاتب: عاطف النمر

عدد الصفحات: مئتان وثمانية وعشرين


نقرأ من صفحة تسعة وسبعين إلى صفحة ثلاثة وثمانين:


يقول الكاتب أمير اسكندر، في كتابه على لسان صَدام، هذه المقولة :


«إن النهج السياسي اللاحق للإنسان .. لا يستقل عن تاريخه السابق .. عن ولادته .. وحياته .. وصعوبات حياته أيضاً » .

سنبدأ من هذا الاعتراف المنهجي الصريح، من سفاح بغداد ... الذي يَفْرُض علينا أن نعود إلى الوراء .. لكي نفتش في تاريخ حياته ... وولادته .. وتربيته لكي نتعرف على المواقف، التي شكلت ملامح شخصيته الدموية الصارمة، وهي المحطات التي خلقت في داخله هذا الوحش الآدمي، المتعطش إلى الدم، والباحث عنه بصورة دائمة ..

لكي يوسِّع بحيرة الدم، من المستوى القُطْرْي فى العراق، إلى المستوى القومي العربي .. والمستوى العالمي أيضاً .. تحقيقاً لزعامته الظاهرية، التي يسعى إلى تحقيقها، على أشلاء الجثث والضحايا، في مسلسل نزواته، التي لا تتحقق إلا على جثث الأبرياء والأصدقاء والرُّفَقَاء .. خاصة وأن الزعامة لها ثمن .. وعلى الرعايا والضعفاء، أن يدفعوا هذا الثمن مهما كان حجمه !!


في يوم ثمانية وعشرين أبريل من عام ألف وتسعمئة وسبعة وثلاثين، لفظته بطنُ أمِّه إلى الدنيا ... وجاء إلى الحياة يتيماً لأن أباه كان قد مات قبل أن يراه .. مات وصَدّام بذرة جنين في بطن أمه ..


ولذا وَلَدَتْه أمه صَبْحَهْ طَلْفْاحْ المُسْلِطَه، في بيت أخيها خيرَ الله طَلْفَاح.. والذي قام بتسميته بسم صَدّام، هو عمه حسن المَجيد، الذي تزوج من أمه فيما بعد ... نعتقد بعد ذلك أن كل ما نشهده من سَفّاح بغداد من تصرفات، ما هو إلا سلوك طبيعي، نابع من طبيعة شخصيته .. ومن الممكن أن تكون مثل هذه الشخصية، مقبولة بعض الشيء .. إذا لم يكن لها موقع مؤثر في حياة الآخرين .. ولكن الحال لا يقبل بالنسبةِ لِصَدّام، لأنه في قمة المسئولية داخل دولة .. ويؤثر بسلوكِهِ في منطقةٍ كاملة ..

بل ويهدد الأمن الدولي كله بشخصيته المُدَمِّرة . وإذا قمنا بدراسة الظروف البيئيةِ التي ولد فيها صَدّام سنجد أنه من عائلة فقيرة جداً من قرية تكريت الواقعة على ضفة نهر دجلة اليُمْني .. وفي الوقت الذي لَفَظَتْهُ فيه بطنُ أمِّه للدنيا .. كان العالم في شدة الاضطراب .. يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة .. وتَوَتُّرٍ سیاسيٍ بالغ ..


وكان هتلر في ذلك الوقت، يستعد لتحقيق غزواته .. حتى إذا وصل صَدّام من عمره إلى سن العامَين، إلّا ونشبت الحرب العالمية الثانية .. فقد كانت ولادته بشيراً ونذيراً للخراب، الذي عَمَّ على العالم فيما بعد .. على يد ديكتاتورٍ مجنونٍ ومُشابِهٍ له، هو هتلر ...

وساعد في تكوين دموية صَدّام في طفولته، عدةُ عوامل .. وجهُ والدته الصارم، والمُتَجَهِّمُ دائماً من شدة عوامل البؤس .. وصرامةُ وقسوةُ عمه (زوج أمه)، وطبيعةُ الحياة التي عاناها في طفولته، والتي جعلت أحاسيسه ومشاعره، تتفتح على طبيعة فِطرية في كل أهل العراق، وخاصةٍ أبناء قريته ( تِكريت)، الذين تميزهم روح العنف والاندفاع .. وروح القتل والسَّحْل والدموية .. والطبيعة القَبَلِيّة ..

هذا إلى جانب أن العراق ذاتها عُرِفَت في كل تاريخها بأنها بلد المؤامرات والاغتيالات والانقلابات الدموية .. والتصفيات الجسدية ... وعلى هذا شب وتَشَبَّعَ سفاح بغداد .. وأصبحت كل تلك السمات في حياته بالفطرة إلى جانب أنها من صفات أسمه وشخصيته ورقمه في علوم حسابات الجيومِترا ..

ومن الصعب أن نستطرد في حياة سفاح بغداد . لأنها تحتاج منا إلى مجلدات ومجلدات .. ولكننا سنتوقف فقط عند بعض النقاط الدموية الهامة في حياته .. فقد قال أحد المقربين من فترة صباه، أنَّ يُتْمَ صَدّام خَلَقَ في داخله روح التحدي للحياة .. ومواجهَتِها بعنصر القوة والبطش ..

وهذا انعكس من خلال المعاملة السيئة، التي تلقاها على يد أحد أقاربه من ضباط الجيش، والذي تولى رعايته بعد أن ترك بيت عمه (زوج أمه)، ورحل لكي يلتحق بالمدرسة .. فقد كان قريبه هذا يتلذذ في تعذيبه، فترك اثراً في نفسه .

لقد حمل صدام المسدس لأول مرة فى حياته، عندما كان عمره أربع سنوات .. عندما أعطاه له أحد أقاربه أثناء رحلة سفر، وعندما هرب من بيت عمه لكي يصل إلى بيت خاله .. فكان المسدس أول لعبة في حياة سفاح بغداد .. وفي بغداد أكمل دراسته في مدرسة الكَرْخ الثانوية .. ثم انضم إلى حزب البَعْث، في عام ألف وتسعمئة وسبعة وخمسين، وكان عمره وقتها عشرين عاماً .. وتعلم فنون الاغتيالات والانقلابات مبكراً، من خلال انخراطه بين صفوف الحزب .

ولأن صَدّام حسين يحمل في داخله شخصية غادِرة، لا وفاء له، ولا عهد به أو منه .. فقد غدر بالكثيرين من حوله .. وحتى أقاربَه .. وكان آخِرَهم عدنان خيرَ الله ابن خاله، وشقيق زوجته، الذي شاركه في أيام طفولته، وصباه وشبابه .. وشاركه في فراشه وطعامه .. والغريب أنّ عدنان خيرَ الله، هو أول من أقنع صَدّام في طفولته، بضرورة أن يتعلم مثله، ويذهب إلى المدرسة.